كومبوني

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الكومبوني هي المدارس الكاثوليكية في السودان.

معظم السودانيين يعرفون "الكومبوني"، فالكثير منهم إما تلقى تعليمه الأولي بها أو تخرج في أحد فروعها المنتشرة في جميع أنحاء السودان باستثناء إقليم دارفور الذي يخلو من أي منشآت كنسية، وبالرغم من خضوع مدارس الكومبوني لإشراف الحكومة السودانية الكامل فإن بعض السودانيين يتخوفون من دورها التبشيري وخاصة أنها تخضع في نفس الوقت لإشراف الكنيسة الكاثوليكية في روما. والمفارقة أن من بين خريجيها فقهاء أو أصحاب طرق صوفية ورؤساء أحزاب سياسية كبيرة في السودان، ومن أشهر هؤلاء الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي، والصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب الأمة السوداني.

ويرى قسم من السودانيين أن هذه المدارس تقدم خدمات مجانية وملابس، وتوفر حافلات لتلاميذها بجانب وجبات غذائية في مجتمع فقير بهدف لفت أنظارهم والتأثير في عقيدتهم، بحسب أحد المسئولين السودانيين الذين سبق لهم الدراسة بأحد أفرع هذه الكومبوني، بقريته التابعة لولاية "دنقلا"، مؤكدا أنهم يضعون السم في العسل ويقدمون خدمات مبهرة للتلاميذ أبناء الطبقات الفقيرة الدارسين بها. ويروي هذا المسئول تجربته الشخصية حيث قرر الانتقال منها بعد أن أصر المسئولون على وضع حصة الدين المسيحي في منتصف اليوم الدراسي بعد أن اكتشفوا أن معظم التلاميذ يتجنبون حضورها عندما كانت في آخر اليوم الدراسي، بعدها قررت أسرته نقله لمدرسة حكومية أخرى.

فهرست

[تحرير] المبشر كومبوني

رجل الدين المسيحي المشرف على المدرسة

تعود بداية تسمية وظهور "الكومبوني" في الحياة الثقافية السودانية إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما قرر رجل دين إيطالي يدعى دنيال كومبوني تنظيم رحلة للسودان بمرافقة تسعة من زملائه بهدف نقل فكرة مدارس غير القادرين من أوربا إلى أفريقيا عبر السودان، واستغرقت الرحلة حوالي 6 أشهر حتى وصلوا إلى مدينة جوبا جنوب السودان، وتعرض الوفد إلى الإصابة بالأمراض والأوبئة مما أدى إلى وفاة رفاق كومبوني التسعة بينما ظل هو يصارع المرض حتى وصل الخرطوم ثم منها إلى القاهرة لتلقي العلاج، إلى أن عاد إلى روما ليستكمل الشفاء، ورغم مخاطر رحلة دنيال كومبوني الأولى للسودان وفقدان كل رفاقه فإنه ظل يفكر في العودة مرة أخرى لهذه البلاد، وبالفعل عاود الكرة بعد عامين حيث وصل إلى القاهرة وأسس فيها مدرسة مسائية لتعليم الأفارقة المقيمين في مصر، واشترى مقرا في منطقة مصر القديمة، وكانت خطته تقوم على شراء العبيد الأفارقة وتحريرهم وتعليمهم اللغات الأجنبية وأسس العقيدة المسيحية، وبعد أقل من عام أصبح لديه كوادر محليون بدأ في تجميعهم والسفر معهم من جديد إلى السودان وبالتحديد إلى الجنوب في مدينة جوبا، وفيها تأسست النواة الأولى للكومبوني التي أخذت تنتقل من جوبا إلى مختلف الولايات السودانية حتى وصلت إلى العاصمة وتأسست أول كومبوني بوسط الخرطوم عام 1928، وما زالت قائمة حتى الآن، كما وصل عدد الأفرع التابعة لها في الخرطوم ومحيطها من المدن الكبرى حوالي 90 مدرسة تغطي أكبر المناطق كثافة بالسكان.

[تحرير] مؤسسة خيرية

وفي مكتب متواضع داخل كومبوني الخرطوم تحدث رجل الدين المسيحي من أصل مصري بولس أنيس المشرف العام على فرع العاصمة لـ إسلام أون لاين.نت وقال: إن الكومبوني لا تفرق بين السودانيين سواء من حيث العقيدة أو الانتماء القبلي، وتصل نسبة التلاميذ المسلمين 70% من إجمالي الطلاب في الأفرع المختلفة، فالهدف هو تقديم الخدمة للجميع، فالكومبوني تعتبر مؤسسة غير هادفة للربح، حيث تخضع كافة الكومبونيات للإشراف المباشر لوزارة التربية والتعليم السودانية، كما أن المناهج قبل عام 1975 كانت تتبع مؤسسة أكسفورد البريطانية، أما الآن فأصبحت تدرس المناهج السودانية مثل باقي المؤسسات التعليمية التقليدية.

[تحرير] شيوخ وقساوسة

وفيما يتعلق بالبعد الديني يقول المشرف العام: إن الكومبوني تحرص على أن تكون مؤسسة تربوية بالدرجة الأولى، أما الحصص الدينية فيتم الفصل فيها بين الطلاب المسيحيين والمسلمين، ويتم تكليف رجل دين مسيحي بالقيام بمهمة تدريس المنهج المسيحي بينما يقوم أحد رجال الدين الإسلامي بتدريس حصص الدين الإسلامي، بجانب حصص مشتركة للأنشطة والأخلاق العامة، وحضورها اختياري للجانبين، حيث يقوم بالتدريس فيها مرة رجل دين مسيحي ومرة رجل دين إسلامي بالتناوب.

وحول التهم التي تلصق بالكومبوني من أنها تقوم بدور تبشيري غير مباشر قال بولس أنيس: لم يثبت طوال تاريخ الكومبوني في السودان أن قامت بأي أنشطة خارج نطاق عملها التعليمي والتربوي، فهي في النهاية عمل خيري وإنساني بالدرجة الأولى، فوجود هذه المؤسسة على الأراضي السودانية ساهم في تعليم الكثير من أبناء الطبقات غير القادرة حتى وصل بعضهم إلى أعلى المراكز داخل السودان وخارجها، ورغم وصول حكومات إسلامية للحكم في السودان فلم يفكر أحد في إغلاقها نظرا للدور الحيوي الذي تلعبه في توفير نوعية متميزة من التعليم شبه المجاني في ظل ظروف اقتصادية صعبة يواجهها أبناء الطبقات المحدودة الدخل وغير القادرين على إلحاق أبنائهم في المدارس الخاصة باهظة التكاليف.

[تحرير] تبرعات كنسية

كلية كومبوني لدراسة الكمبيوتر

وحول مصادر تمويل الكومبوني يؤكد المشرف الديني أن أغلب التمويل يتم بطرق ذاتية، بجانب تبرعات بعض الشخصيات السودانية الذين تلقوا تعليمهم في الكومبوني، خاصة أن شخصيات سودانية شهيرة تخرجت منها مثل الدكتور حسن الترابي والصادق المهدي والعشرات من أساتذة الجامعات والشعراء والدعاة الذين تلقوا تعليمهم الأساسي بالكومبوني ثم أكملوا المراحل الأخرى بالأزهر والجامعات الإسلامية بالسودان وخارجها، فضلا عن جهود المسئولين في توفير الدعم المالي اللازم سواء من الداخل أو من الخارج عن طريق مؤسسات تمويل دولية -بعضها كنسي- بهدف تغطية التكاليف المطلوبة للعملية التعليمية خاصة أن كل مدرسة ملتزمة بتخصيص عدد من المقاعد المجانية للتلاميذ المتفوقين.

وحول تطور النظام التعليمي بالكومبوني يقول بولس أنيس: مع بداية عام 2000 تم افتتاح أول كلية جامعية تابعة للكومبوني بعد أن كان دورها يتوقف عند مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، وأمام إلحاح أولياء الأمور قررنا إنشاء أول كلية لعلوم الحاسب والتكنولوجيا يدرس فيها حاليا حوالي 400 طالب بمصاريف رمزية أيضا مقارنة بأسعار التعليم الجامعي الخاص، وحتى الآن أثبتت التجربة نجاحا كبيرا وربما يتم افتتاح كليات جديدة تلبي الطلب المتزايد على التعليم الجامعي في السودان.